بعد كل الاحداث والتطورات الاخيرة التي طرأت وتسارعها، هل بتنا فعلاً امام طريق مسدود او خيارين لا ثالث لهما احلاهما مرّ؟.
في قراءة بسيطة لمتابعين يوميا للاحداث اللبنانية، سلّطوا الضوء على شخصية واحدة في خضم هذه المعمعة وهي رئيس الجمهورية العماد ميشال عون. يرى هؤلاء ان كل ما يحصل هدفه "رأس عون" فإمّا ان يكمل بقية عهده على غرار صلاحيّات الملكة اليزابيث في المملكة البريطانية المتّحدة حيث تحظى بالاحترام ولكنها تبقى بعيدة عن السياسة والقرارات اليوميّة، واما إسقاطه بفعل التهديد بهذا الحل او الوصول الى الفوضى. انها المعادلة نفسها التي وقف امامها عون عام 1988 مع تغيير في الوجوه فقط، خصوصاً بعد ان ابلغه الموفد الاميركي في حينها السفير ريتشارد مورفي جملته الشهيرة "مخايل الضاهر او الفوضى"، فيما اليوم باتت المعادلة "اما رأسك او الفوضى".
من المتوقّع ان يواجه عون المعادلة الجديدة كما واجهها سابقاً، ولو ان النتيجة في تلك الحقبة لم تكن ايجابيّة، لا بل كانت كارثيّة بالفعل على لبنان، ولكن يمكن القول انّ رهان عون اليوم على المواجهة يعتمد على كثير من العوامل لم تكن متوافرة في الفترة السابقة. ووفق المتابعين انفسهم انّ جملة المتغيّرات تطال الشكل والجوهر معاً، ففي الشكل استبدلت الحرب العسكريّة بالحرب الاقتصاديّة والفارق بينهما ان الاولى تفرض التغيير بالقوّة الخارجيّة فيما الثانية تؤدّي الى التغيير بالقوّة الداخلية عبر الفوضى التي تحدثها، والتي لا يمكن لأحد ان يتحمّلها اذا ما وصلت الى اقصاها، فتؤدّي غايتها دون تكلفة باهظة خارجيّة. اما في الجوهر، فالاهداف تغيّرت دون شكّ بفعل الاحداث التي شهدتها المنطقة ككلّ وفي مقدمها الحرب السوريّة وما افرزتها من تداعيات. وحين يسأل المتابعون للاحداث عن سبب استهداف رئيس الجمهوريّة بالتحديد، يأتي الجواب انه مع سقوط او فشل عون، ستسقط معه حتماً احجار اخرى اما سياسياً او معنوياً، وبالتالي ستفرض واقعاً جديداً في البلد سيشهد، كالعادة، نسج تحالفات جديدة وتسويات تؤدّي الى تخطّي المرحلة وحلّ موقّت على غرار الحلول التي اعتاد عليها لبنان والتي ترضي الخارج بشكلتام. وهذا الأمر كفيل بأن يكون بمثابة رسالة واضحة وقويّة للجميع بأنّه حتى في ظلّ وجود شخصيّة تتمتع بتأييد شريحة من اللبنانيين وبدعم قوى وتيّارات واحزاب لبنانيّة اساسيّة وحضور نيابي ووزاري، فإنّ من غير المسموح لأيّ كان في لبنان ان يفرض شروطه في الداخل وعلى الخارج على حدّ سواء.
ووفق المصادر ايضاً، فإنّ الصراع الذي يحصل يعود الى تواجد قوى كبرى أخرى على الساحة، وهذا ما أدّى الى شدّ الحبال الذي نشهده، متوقّعة ان يبقى الوضع على ما هو عليه رغم صعوبته، دون الوصول الى الفوضى التامّة، في انتظار ما يمكن ان تسفر عنه النقاشات الدائرة على مستوى الدول الكبرى، وحتى ذلك الوقت، سيكون من الطبيعي ان تسقط احجار أخرى في بناء الهيكل السياسي اللبناني وتقديم أخرى، دون اعتبار للمعطيات الشعبيّة والسّياسية وحتى الطائفيّة لتلك الشخصيّة او تلك.
ويشير المتابعون الى انّ عون في المقام الاول، سقط في امتحان كان وضعه لنفسه ويقضي بابعاد لبنان عن لعبة التدويل، وظهر انّ العالم لن يترك هذا البلد مع كلّ ما يحمله ذلك من ايجابيّات وسلبيّات وسيبقى في خضمّ عاصفة التحاذبات الدوليّة اليوم وغداً. وعليه، يدعو المتابعون المواطنين الى ان يعيشوا كل يوم بيومه وعدم الرهان على شخصيّات سياسيّة او غير سياسيّة في لبنان، لانّ النتيجة ستكون نفسها اكان هؤلاء تكنوقراط او غيره، بدليل ما ذكرته وكالة "موديز" من انّ تحركاً بسيطاً من البنك الدولي وصندوق النقد كفيل باخراج لبنان من محنته، ما يعني ان قراراً واحداً يعيد الاوضاع الى ما كانت عليه، وليس هناك من حاجة الى خطط وتخطيط، دون ان يعني ذلك انه ممنوع على لبنان اصلاح بعض الامور المتعلّقة بالفساد والهدر وتحسين الحياة اليومية وهي امور لا يعارضها أحد سوى اللبنانيين انفسهم لسوء الحظ، كونها لا تؤثر على الصورة العامة ولا تهدد بتغييرها.